خواطر حول الإرهاب (1/3)

خواطر حول الإرهاب (1/3)

✍️ بقلم: أحمد محمد حسن زيدان

بعد فاجعة (11) سبتمبر، وحين بدأت الحملة الدولية ضد الإرهاب، صرّح الرئيس بوش بأن الإدارة الأمريكية كانت – قبل وقوع انفجارات نيويورك وواشنطن – عازمة على العمل لحل القضية الفلسطينية بإنشاء دولة فلسطينية بموجب القرارات 242 و338، مع مراعاة الحفاظ على أمن إسرائيل.

لو قامت فعلاً بتنفيذ ذلك العزم، لربما كانت تلك أول خطوة عملية للقضاء على الإرهاب في العالم واستعادة الثقة التي كانت منطقة الشرق الأوسط قد وضعتها في الولايات المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، اعتمادًا على ما عُرف عنها آنذاك من مناهضة الاستعمار وما بشّر به زعماؤها من نشر للرخاء والعدالة والديموقراطية.

لكن تلك الثقة اهتزّت كثيرًا بعد قيامها بالدور الداعم لإنشاء إسرائيل في أرض فلسطين، ثم دعمها ماديًا بالأموال والأسلحة والخبرة، وسياسيًا باستخدام نفوذها دوليًا وبالفيتو المتكرر، حتى في المواضيع الإنسانية.

ولعله لا حاجة للقول إن العالم لم يشهد قبل زرع إسرائيل هذا النوع من الإرهاب الجماعي الذي نراه اليوم، والذي أصبح سمة العصر من اغتيالات وخطف طائرات وتفجيرات، أصابت شظاياه الولايات المتحدة نفسها.

لكن البعض يشكك في قدرة رئيس الولايات المتحدة على تنفيذ وعوده، لأسباب منها:

  • خضوع كل رئيس أمريكي لتأثير اللوبي الصهيوني (AIPAC) كما فصّل بول فندلي في كتابه “They Dare to Speak Out”.
  • حاجة الرئيس لدعم اللوبي أثناء الانتخابات وبعدها لتمرير القوانين وتجديد ولايته.
  • الحملة المضادة التي شنّتها إسرائيل لتصريح بوش، معتبرة إياه مكافأة للإرهاب.
  • تشكيك الصقور في قدرة عرفات على ضبط الفصائل الفلسطينية.
  • ما يُعرف عن أنشطة الموساد في مراقبة الساسة وتوريطهم كما حدث مع كارتر وكلينتون.

كل هذا جعل بوش يتراجع عن وعوده، خصوصًا بعد تصريحات ابن لادن التي ربطت بين أمن أمريكا وفلسطين.

وقد تفاءل كثيرون بفوز بوش الابن، خاصة لتقديرهم لمواقف والده، لكن سرعان ما خابت الآمال. وحتى جهود كلينتون السابقة بدت الآن أكثر جدية مقارنة بتراجعات الإدارة الجديدة.

وبالرغم من وعود الإدارة الأمريكية، لم نشهد مبادرات سوى من رئيس الوزراء البريطاني. أما أمريكا، فاكتفت بالتنديد والدعوة لضبط النفس، بينما تمنع غيرها من التدخل، وتُصر على احتكار الملف الفلسطيني، مما أثار امتعاض حتى أكثر الدبلوماسيين السعوديين اتزانًا، كالأمير سعود الفيصل.

لكن الفرصة لا تزال قائمة إذا تخلّت أمريكا عن ترددها وسلطان اللوبي، واتخذت خطوات حازمة بناء على لجنة ميتشل. وإلا ستتراجع وتيرة الاهتمام مع تطورات الحرب في أفغانستان، وستواصل إسرائيل صلفها.

أما عن ابن لادن، فلا أحد يملك دليلاً مباشرًا على دوره في التفجيرات. وحتى لو كان له دور، فهو غالبًا في التحريض والتمويل. لكن بعد تصريحاته واعترافات بعض المرتبطين بالتنظيم، يبدو دوره بارزًا في جرائم كينيا وتنزانيا وعدن.

وهنا تتردد أسئلة كثيرة:

  1. ما الذي دفع ابن لادن – ابن الأسرة السعودية المحترمة – إلى ذلك؟ هل هو إصلاح نيّة أم حقد دفين أم استغلال من بطانة متطرفة؟
  2. كيف يمكن لمنفذي العمليات أن يقتلوا أنفسهم والآخرين بلا رحمة؟ هل تم غسل أدمغتهم؟ أم كانت هناك وسائل نفسية أو كيميائية؟

إن الإنسان المسلم يميل للخير بالفطرة. ما حدث يخالف تلك الفطرة تمامًا.

(يتبع)

🗓️ 1/11/2001



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *